بلغ سقف الغضب الشعبي في لبنان حدا لم يبلغه من قبل في السنوات الماضية. واتخذ الحراك منحى تصاعديا منذ انطلاقته في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 لجهة حشود المتظاهرين واستمرار الاعتصامات وتنوع الأشكال الاحتجاجية بشكل غير مسبوق في تاريخ الحركات الاجتماعية في لبنان.
ومن جهة ثانية، ومع دخول الانتفاضة الشعبية عام 2020، بدأت جموع المتظاهرين تحول خطابها المليء بالشتائم لرموز الطبقة السياسية إلى عنف يستهدف فروع المصارف باعتبارها الجهة التمثيلية للأوليغارشيا المالية السياسية التي تتحكم برقاب اللبنانيين على مدى عقود، حسب المتظاهرين.
هذا العنف من قبل المحتجين في “غزو” المصارف سبقه وأعقبه عنف شديد من قبل القوى الأمنية والجيش دفعت منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية إلى إدانته.
ويبرر المتظاهرون لجوءهم إلى العنف إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية في السوق السوداء وخسارة العملة الوطنية أكثر من 30% من قيمتها إضافة إلى دور المصارف في إذلال الناس واحتجاز أموال المودعين. هذا عدا عن تجاهل الطبقة السياسية لمطالب الانتفاضة في تشكيل حكومة إنقاذ من التكنوقراط.
ويبدو أن الطبقة السياسية في البلاد لم تتلمس طرف الفتيل قبيل وصوله إلى قنبلة الغضب الشعبي. فهذا الفتيل ليس وليد اللحظة بل هو حراك تراكمي وبناء مستمر لحالة الوعي داخل المجتمع المدني والحركات الاجتماعية. فهي إن أخفقت أو فشلت في معركة فإن هذا لن يزيدها إلا قوة للمعركة المقبلة. وإن كان رشق السياسيين بالبندورة أو النفايات سمة إحدى مراحلها فهذا لا يعني أن بقية المراحل ستقتصر على الخضار بل ستتحول إلى عصيان مدني.
وهذا ما حصل فعلياً منذ انتفاضة 14 آذار 2005 وحراك 2011 المنادي بإسقاط النظام الطائفي وصولاً إلى حراك “طلعت ريحتكم” جراء أزمة النفايات ثم انتفاضة 17 تشرين الأول 2019.
نستعرض فيما يلي ورقة بحثية أعددتها في 2018 تحت إشراف الدكتور القدير يوسف شويري والدكتور مارك فرحة، أستاذا العلوم السياسية في معهد الدوحة للدراسات العليا، حملت عنوان: دور منظمات المجتمع المدني والحركات الاجتماعية في التأثير على القرار السياسي: حراك “طلعت ريحتكم” في لبنان 2015 نموذجاً.

مقدمة:
شهد لبنان بين أغسطس/ آب وأكتوبر/ تشرين الأول 2015 سلسلة مظاهرات واحتجاجات فجرتها أزمة النفايات والفساد ضمن حراك قادته مجموعات من المجتمع أبرزها “طلعت ريحتكم” و”بدنا نحاسب”.
ورغم أن هذه الحركة الاحتجاجية الواسعة انطلقت على خلفية أزمة النفايات المتكدسة في شوارع بيروت ومناطق في جبل لبنان، إلا أنها لم تحمل فقط شعارات مطلبية لمعالجة الأزمة وإنما صعدت من خطابها لاستقالة الحكومة تارة ولإسقاط النظام الطائفي تارة أخرى.
شكل زخم المظاهرات التي دعا إليها الحراك واشتباكاته مع السلطة السياسية والقوى الأمنية تحدياً كبيراً أمام حكومة تمام سلام ووزير البيئة آنذاك محمد المشنوق لا سيما أن مظاهرة 29 آب/ أغسطس 2015 وصفت بأنها أكبر مظاهرة لأسباب مطلبية اجتماعية في البلاد.
أسفرت الضغوط الاحتجاجية المختلفة في وسط بيروت أمام مقر الحكومة ووزارة البيئة ومناطق لبنانية أخرى إلى رضوخ الحكومة إلى الاستماع لمطالب المتظاهرين وتشكيل لجنة يشاركون فيها لوضع حل عاجل لأزمة النفايات.
وبعد مناقشة مطالب المتظاهرين لجهة أن تراعي الحلول المعايير البيئية لفرز النفايات وإعادة تدويرها، تحججت الحكومة بتعذر إجراء ذلك بعد تحلل النفايات واضطرارها إلى اللجوء لما يسمى الطمر الصحي. وقد رضخ المتظاهرون أمام هذا التطور لكن سرعان ما اكتشفوا شبهات فساد في المناقصات مما جعلهم يرفعون سقف المطالب إلى انتخاب رئيس للجمهورية وإجراء انتخابات برلمانية ومطالب أخرى.
نناقش في هذه الورقة دور منظمات المجتمع المدني والحركات الاجتماعية في التأثير على صناع القرار السياسي حيث نتخذ من الحراك الاحتجاجي ضد أزمة النفايات في لبنان في صيف 2015 حالة للدراسة. ونطرح الأسئلة التالية: هل أثرت المنظمات المدنية والحركات الاجتماعية على السلطة التنفيذية في لبنان؟ ما هو دور الفضاء العام والمجتمع المدني في لبنان بتشكيل هذه المجموعات والمنظمات؟ هل يمكن للمجتمع المدني الاستمرار في دولة قائمة على الطائفية السياسية؟
الإطار النظري والمفاهيمي:
نستهل ورقتنا في استعراض الإطار المفاهيمي والنظري من خلال عرض مفهوم المجتمع المدني، والحركات الاجتماعية، ولبنان والحركات الاجتماعية، وأبرز مجموعات الحراك “طلعت ريحتكم” و”بدنا نحاسب”.
أولاً: مفهوم المجتمع المدني:
يثير مفهوم المجتمع المدني جدلا في فهمه ومقاربة حيث يتغير المفهوم مع تغير الموقف الأيديولوجي للمتكلم. فالمفهوم الليبرالي يختلف عن الفهم الاشتراكي الديمقراطي وعن الديمقراطي الراديكالي وعن الفهم الإسلامي له[1].
ويظهر أثر المجتمع المدني تاريخيا عند أرسطو في قوله إن المجتمع المدني هو المجتمعات البشرية المرتبطة بمراكز الحضارة المدنية والبعيدة عن الصلات القرابية القبلية والدينية، وهو مفهوم أقرب للمواطنة، إلا أن البداية الحقيقية للمفهوم ارتبطت بنشأة النظام أو المجتمع الرأسمالي خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر مع انهيار الحكم الإقطاعي وبداية سلطة القانون، والانتقال إلى المجتمع المدني الحديث الذي يقر بحرية الفرد الإنسان باسم العقل والمنطق وسيادة الشعب وحقوق الإنسان[2].
وقد شكل ذلك تحديا في إعادة بناء مفهوم المجتمع المدني من منظور يفتح المجال أمام إعادة بناء السياسة على أسس غير دينية وغير ارستقراطية ترتبط بالمجتمع نفسه وليس بتكليف إلهي أو إرث عائلي. وبرز في هذه المرحلة باحثون وعلماء قاربوا مفهوم المجتمع المدني مثل هوبز ولوك وتوكفيل ومونتسكيو وروسو وسبينوزا[3].
ومع تصاعد الاهتمام بدراسات المجتمع المدني الذي تعود جذوره إلى القرن السابع عشر، تطورت التعريفات وصارت تضم معايير جديدة ترتبط بالمفهوم. واتجهت نحو توافق عام في مطلع الألفية الثالثة لتبرز سمات مشتركة أولها الحيز المستقل أو المساحة القائمة في الفضاء العام بين الأسرة والسلطة أو الدولة. كما أبرزت سمات أخرى مثل وجود بيئة أخلاقية تحافظ على تأمين الحقوق والالتزامات، إضافة إلى الاحترام المتبادل لتأمين الحقوق السياسية للآخرين والاستقلالية التي بدت وثيقة الصلة باختيارات الأفراد والجماعات وبالحريات[4].
ولا بد أن نتوقف عند ما توصل إليه أنطونيو غرامشي الذي وجد أن هناك مجالان يضمنان استقرار سيطرة الرأسمالية ونظامها، الأول هو ما تمتلكه الدولة من أجهزة لتحقيق السيطرة المباشرة. أما الثاني فهو مجال المجتمع المدني وما يمثله من أحزاب ونقابات ووسائل إعلام. إذ اعتبر غرامشي أنه للوصول إلى السلطة يجب السيطرة على جهاز الدولة والهيمنة على المجتمع من خلال منظمات المجتمع المدني والعمل الثقافي[5]. وقد انعكست أفكار غرامشي مع نهاية القرن العشرين على جعل مفهوم المجتمع المدني يرتبط بالمنظمات والهيئات والمؤسسات التي تعمل إلى جانب الدولة وليس تحت أمرتها.
وتوافق باحثون على ستة ملامح هيكلية إجرائية تحدد الكيانات التي يطلق عليها منظمات المجتمع المدني. أول هذه الملامح هي تنظيمية إذ أن المجتمع المدني قطاع منظم من المجتمع، وثانيها هو أنها منظمات خاصة أي لديها استقلالها عن الأجهزة الحكومية. وثالثها أنها لا توزع الأرباح. ومن ملامحها أيضاً، أن منظمات المجتمع المدني تدير شؤونها من خلال آليات ذاتية محددة. هذا عدا أنها تطوعية، بالإضافة على أنها لا تسعى للسلطة خلافاً للأحزاب السياسية، وأخيراً فهي لا تسعى للربح[6].
نستخلص من ذلك أن مفهوم المجتمع المدني يرتبط ببناء مجتمع بعيداً عن الانتماءات القبلية والدينية ويضمن المساواة بين جميع أفراده تحت سقف قانون أو عقد اجتماعي يتوافقون عليه من أجل بناء دولة ديمقراطية قائمة على التعددية وتداول السلطة وتضمن العدالة الاجتماعية لجميع أفرادها. من هنا نذهب إلى القول بأن بناء المجتمع المدني لا ينفصل عن عملية التحول الديمقراطي وتمكينه وتثبيته وترسيخه في مواجهة الموجات المضادة التي تحدث عنها صموئيل هنتغتون في كتابه الموجة الثالثة من التحول الديمقراطي[7].

ثانياً: الحركات الاجتماعية:
تعتبر الحركات الاجتماعية عنصراً هاماً في العملية السياسية ويقصد بها غالباً مجموعة من الأشخاص تخوض نزاع ضد خصوم محددين بشكل واضح. وتتشارك المجموعة في هوية مشتركة ومعتقدات موحدة أو برنامج مشترك والعمل الجماعي. ويتضمن مفهوم الحركات الاجتماعية ثلاثة عناصر على الأقل: مجموعة من الناس لها توجه نزاعي تجاه خصم معين، وهوية جماعية ومجموعة من المعتقدات والأهداف المشتركة، ومجموعة من النشاطات الجماعية[8].
وتصنف الحركات الاجتماعية على أنها أحد مكونات النشاط الشعبي الذي لا يستهان به حيث يخاطر المشاركون فيه، من مختلف طبقات المجتمع، في نشر الدعاية ضد الأنظمة التسلطية، وتنظيم جماعات غير قانونية، وفي بعض الحالات بمهاجمة رأس السلطة بشكل مباشر. وإذ تهدف الحركات الاجتماعية إلى التحول الديمقراطي فإن ظهورها غالباً يعود إلى الصعوبات التي أوجدها الحكم التسلطي. وتظهر الحركات الاجتماعية من خلال أنشطة من الاحتجاج والصراع التي تهدف إلى التأثير في الهيئات الحكومية وفي السياسيين وإلى الضغط على هذه الأطراف[9].
وتجمع معظم التفسيرات لمفهوم الحركة الاجتماعية على وجود عناصر أساسية لا بد من توفرها مثل الجهود المنظمة، مجموعة من المشاركين، أهداف مشتركة، سياسات وأوضاع راهنة، مطالب بالتغيير، مكونات فكرية، وسائل تعبئة. وتبني عمليات الحركة الاجتماعية وتنتج شبكات معلوماتية مكثفة وسط الفاعلين الذين يتقاسمون في هوية جماعية وينخرطون في صراع اجتماعي وسياسي[10].
وتعمل الحركة الاجتماعية من خلال إتاحة المجال للتنوع الواسع وضبط التركيبة الداخلية وذلك من خلال خلق مناخ يتيح المجال لتركيب ثلاثة عناصر وظيفية: 1- الحملة وهي مجهود عام مستدام ومنظم يملي مطالب جماعية على سلطات مستهدفة. 2- ذخيرة الحركة الاجتماعية وهي توظيف لتوليفات ممكنة من بين أشكال العمل السياسي مثل الاعتصامات والتظاهرات وتوزيع المناشير. 3- مؤهلات التحرك وهي تمثيل المشاركين لجملة من الصفات العامة الموحدة بينها الجدارة، والوحدة، والزخم العددي، والالتزام تجاه قاعدتهم الشعبية[11].
تعتمد الحركات الاجتماعية على استراتيجيات تلفت النظر بالقوة لقضاياها من خلال تحريك المجال العام[12]. وهذا يحدث من خلال لفت نظر عامة الناس إليها من خلال وسائل الإعلام بدلاً من صناع القرار، وذلك عبر نوعين من الاستراتيجية لجذب الانتباه لقضيتها: أولها تنظيم المظاهرات في المجال العام، وثانيها، جمع معلومات ذات مصداقية ونشرها بشكل استراتيجي وبانتباه في مواقع معينة[13].
وبينما يرى باحثون أن الحركة الاجتماعية هي عمل جماعي لتحقيق التغيير المطلوب، يضيف آخرون بأنها أيضاً لمقاومة تغيير غير مرغوب فيه. وتظهر الحركات الاجتماعية عندما تفشل الأساليب التقليدية والمؤسسية العادية في أداء ما يرضي بعض الفئات في المجتمع، خصوصاً عندما يطول انتظار التغيير الاجتماعي المرغوب فيه، أو عندما يحدث تغيير بوتيرة متسارعة وفوضوية تُشعر الآخرين بالتهديد مما يستدعي التجمع لمقاومة هذا التغيير أو إبطائه أو تنظيمه. ومن جهة أخرى، يغرق الواقع العربي بالكثير من الشواهد التي تستدعي ولادة حركات اجتماعية مثل عدم المساواة والفساد وسوء الإدارة والمخالفات والانحرافات والتخلف وعدم المساواة[14].
ونستند في المقاربة النظرية لمفهوم الحركات الاجتماعية إلى منظور “العملية السياسية”[15]، الذي يعتمد على نظرية تعبئة الموارد. وترى نظرية تعبئة الموارد أن الحركات الاجتماعية لا تتطور من تصاعد الغضب وإنما من التزايد الملحوظ في مستوى الموارد المتوفرة التي تدعم النشاطات الاحتجاجية الجماعية للجماعات المضطهدة. وتعد الوحدة، والتنظيم، والدعم الخارجي موارد رئيسية للحركات الاجتماعية. ويضيف منظور “العملية السياسية” على نظرية تعبئة الموارد عنصرين، وضع المجموعة المضطهدة في سياق سياسي والتركيز على الفرص السياسية، وتحديد البنية التي من خلالها يجري التفاعل مع الخصوم. أما العنصر الثاني فهو الاعتراف أن ظاهرة الحركات الاجتماعية تشير إلى تحول في الوعي داخل الجماعات المضطهدة[16].

ثالثاً- لبنان والحركات الاجتماعية:
يعتبر لبنان، وفق مقدمة الدستور، جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والتعبير والمعتقد[17]. وتصنف الديمقراطية اللبنانية على أنها توافقية تخضع لمعايير الطائفية السياسية خصوصاً في توزيع المناصب ابتداء من الرئاسات الثلاثة، الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، وصولاً إلى أعضاء البرلمان والحكومة ووظائف الدولة[18].
وقد ظلت الديمقراطية أملاً يصعب تحقيقه في لبنان إذ تراجع دور المجتمع الأهلي (أحزاب وجمعيات ونقابات) الذي اتجه منذ الاستقلال إلى تأسيس مجتمع مدني مؤثر في صنع القرار، بفعل الحرب الداخلية. وبرزت قوى اجتماعية مليشيوية في سياساتها، وريعية في نشاطاتها الاقتصادية، لتسيطر على شطر واسع من عملية صنع القرار[19].
ويصنف مؤشر “الحرية في العالم 2017” لبنان ضمن الدول الحرة جزئياً حيث حقق 44 نقطة من أصل 100 التي تعبر عن الأكثر حرية.[20]. ووفقاً لمؤشر الفساد العالمي 2016، فإن لبنان يحتل المرتبة 136 من أصل 176 على مستوى العالم حيث حقق 28 نقطة من أصل 100 التي تعتبر الأكثر نزاهة[21].
وتاريخياً، يعتبر لبنان غني بالحركات الاحتجاجية في تاريخه الحديث، إلا أنه يتميز عن غيره بعاملين أساسيين هما: بنيته الطائفية، وارتباطه بالمحيطين الخارجيين، الإقليمي والدولي، اللذين قاداه وهو من بلدان العالم الثالث إلى التمتع ببيئة حرة ونظام شبه الديمقراطي. لكن الاحتجاجات في لبنان نادراً ما خرجت عما يسمى الارتباط الطائفي والانشداد إلى خارج، بما فيها الاحتجاجات ضد الطابع المطلبي الذي وظف في الصراع السياسي ذي الطابع الطائفي من المستفيدين فيه والمتضررين على السواء[22].
وتتعدد دوافع الاحتجاج في لبنان ابتداء من التجاذبات والانقسامات السياسية خصوصاً الحركات العمالية، بالإضافة إلى الحراك الاحتجاجي ضد الوجود العسكري والأمني السوري في لبنان من قبل القوى المسيحية. إذ أن احتجاجات 7 آب/ أغسطس 2001 المناهضة للوجود السوري في لبنان وما تبعها من قمع أمني عنيف تعتبر من أبرز مشاهد الاحتجاج في تلك الفترة[23].
وقد شكل اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 14 شباط/ فبراير 2005 نقطة تحول مفصلية في تاريخ الحركات الاجتماعية والاحتجاجية في لبنان. إذ أنه وخلال شهر من اغتياله، تبلور حراك سياسي احتجاجي باسم ثورة الأرز أو انتفاضة الاستقلال تحت قيادة عرفت لاحقاً باسم تحالف 14 آذار/ مارس 2005 السياسي الحزبي، أدى في النهاية إلى استقالة حكومة عمر كرامي وانسحاب الجيش السوري من لبنان وتحقيق أهداف أخرى ومطالب أخرى.
ومن جهة أخرى، حرّكت ثورات الربيع العربي المياه الراكدة في الحركة الاجتماعية والاحتجاجية في لبنان، حيث انطلق في 27 فبراير/ شباط 2011 حراك احتجاجي دون قيادة تقليدية يطالب بإسقاط النظام الطائفي[24]. استمر الحراك لأشهر ثم بدأ بعدها بالتلاشي وبقي النظام الطائفي جاثماً على صدور معارضيه. وكان الحراك قد انطلق بعد أن وجدت شريحة من اللبنانيين، تضم ناشطين ومدونين، نفسها مهمشة غير قادرة على التغيير. وخابت كل أمالها بالطبقة الحاكمة، التي يمكن تشبيهها بديكتاتورية متعددة الرؤوس تهيمن على الحكم، لجهة إلغاء الطائفية السياسية وإجراء انتخابات برلمانية وفق قانون عصري غير طائفي يضمن تمثيل القوى المختلفة.
رابعاً: حراك “طلعت ريحتكم”[25]:
في صيف 2015، تفجر حراك احتجاجي آخر سببته أزمة النفايات في صيف 2015 عرف باسم “طلعت ريحتكم” سرعان ما عاد هذا الحراك إلى شعارات المطالبة بمكافحة الفساد والمحاصصة والمحسوبية وإلغاء الطائفية السياسية وإسقاط النظام الطائفي. خيم الحراك على أشهر الصيف منذ تموز/ يوليو وحتى أكتوبر/ تشرين الأول، من خلال اعتصامات ومظاهرات متواصلة صدعت حكومة تمام سلام واضطرتها إلى الاستماع إلى المطالب والالتفاف عليها لجهة التنفيذ. لم يصمد حراك “طلعت ريحتكم” كثيراً لأسباب كثيرة تتشابه مع تلك التي أجهضت حراك “إسقاط النظام الطائفي” لا سيما لجهة اختراق الحراك بمجموعات تنتمي للأحزاب الطائفية وتشويه صورة المتظاهرين من خلال مندسين تعمدوا الاشتباك مع القوى الأمنية، هذا عدا عن وجود مجموعة من المتسلقين تحاول جني ثمار جهود غيرها.
تنوع المشاركون في الحراك إذ تشكلت مجموعات عدة أبرزها “طلعت ريحتكم” و”بدنا نحاسب” حيث ضمتا ناشطين مستقلين من انتماءات فكرية يسارية وليبرالية وعلمانية وآخرين ذوي انتماءات لمنظمات في المجتمع المدني ولأحزاب غير طائفية.
تقول المجموعة عن نفسها إنها تشكلت جراء إغلاق مطمر النفايات في منطقة الناعمة جنوب بيروت، وهو المسؤول عن استيعاب نفايات بيروت ومناطق أخرى في محافظة جبل لبنان وذلك في 17 تموز/ يوليو 2015[26]. وتقرر المجموعة لاحقا أن تتجه إلى مقر الحكومة في وسط بيروت لرمي النفايات هناك ومن ثم تأسيس صفحة على موقع فيسبوك باسم “طلعت ريحتكن”. تضم الحملة أساتذة جامعيين ومخرجين ومدونين ومحامين وربات منازل وطلاب جامعيين من خلفيات متنوعة. وتقول المجموعة إن جميع الأعضاء مستقلون عن الأحزاب السياسية.
يؤكد القائمون على الحملة أنها ولدت بسبب أزمة النفايات لكن تطور الأمور والطريقة التي تعاطى بها النظام مع المتظاهرين والعنف الممارس ضدنا واصرار السلطة السياسية على عدم تحقيق مطالبنا جعلنا ننتقل الى مرحلة جديدة وهي المطالبة بانتخابات نيابية تكون مدخلا لإعادة الحياة للمؤسسات الرسمية اللبنانية والبدء بنوع من عملية تغيير النظام اللبناني.
أما حملة “بدنا نحاسب”، فتقول إنها ائتلاف لقوى شبابية سياسية تضم مستقلين تطرح التغيير عبر انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي على مبدأ النسبية. وتهدف الحملة إلى فتح ملفات الفساد، ليس فقط بشأن النفايات، بل عن طريق المحاسبة القانونية والجنائية والجزائية. وتنبه المجموعة إلى أنه يهمها استمرار الحركة الشعبية لأنه “تعودنا في لبنان أن الحراك يصل الى حد معين ثم يتراجع بسرعة. إن فتح الملفات والضغط على القضاء من خلال الشارع وإحراج الوزارات والمديريات ومراكز الفساد من خلال التحركات الشعبية هي وسيلة لاستمرار الحراك”[27].
ومما يؤخذ على الحراك هو عدم وجود رؤية واحدة، وهو ما تعترف به مجموعة “بدنا نحاسب” إذ تقول إنها تتعهد ببذل أقصى ما يمكن في إطار التنسيق لضمان نجاح الحراك، لكن مع الإبقاء على برامج كل حملة على حدة بحيث تتمكن كل واحدة من تنفيذ برنامجها دون التشويش على باقي الحملات.

النتائج:
وبناء على ما تقدم في الإطار المفاهيمي والنظري وفق تحديد مفاهيم المجتمع المدني والحركات الاجتماعية وتسليط الضوء على تاريخها وسياقها في لبنان خصوصاً في عام 2015، فإننا نستنتج التالي:
شكل الحراك الاحتجاجي الذي قادته مجموعات مدنية ومنظمات المجتمع المدني في لبنان إلى الضغط والتأثير على السلطة التنفيذية الممثلة بحكومة تمام سلام. وأدى ذلك إلى استجابة الحكومة لعدد من المطالب التي كانت ترفضها، إذ وافق مجلس الوزراء في التاسع من أيلول/سبتمبر 2015 على خطة لوضع حل يفترض بأنه مستدام لأزمة النفايات. إلا أن هذه الخطة التي تقوم على إعادة افتتاح المطامر الحالية بصورة مؤقتة بانتظار إنشاء مطامر جديدة في أماكن أخرى في البلاد قد اصطدمت بعراقيل عدّة. من جهة ثانية، استجابت الحكومة لمطلب بحث الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية والشلل في مجلسي الوزراء والنواب من خلال تلبية دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى المشاركة في حوار وطني يشارك فيه قادة 16 كتلة برلمانية ورئيس الوزراء[28].
ورغم أن مجموعات الحراك لم تقبل بما أقدمت عليه الحكومة واستمرت في التظاهر والاعتصام حتى أثناء جلسات الحوار بالإضافة إلى رفضها لخطة المطامر، إلا أن ذلك يحسب لها بأن ضغطت على الحكومة للبحث في مطالبها والاستجابة إليها رغم أنها مجموعات غير حزبية وغير سياسية تقليدية وليس لها أي تمثيل سياسي في البلاد.
ونستطيع القول أكثر إن الحكومة احتوت الحراك الاحتجاجي من خلال محاولات اختراقها للمنظمين عبر فئات حزبية وعبر تحويل انتباه الرأي العام ووسائل الإعلام إلى الفوضى والعنف الناتج عن المظاهرات والاحتجاجات بما في ذلك المواجهات مع القوى الأمنية المختلفة.
كما شنت القوى السياسية التقليدية والطائفية سلسلة اتهامات بحق المشاركين في الحراك منها أنهم يتلقون تمويلهم من دول أجنبية وغيرها، كما لجأ القادة الطائفيون المستهدفون في التظاهرات إلى نهج الاستلحاق والاستتباع، والتحريض الطائفي والطبقي، والعنف، لثني المحتجين عن أهدافهم[29].
على الرغم من أن لبنان دولة قائمة على الطائفية السياسية إلا أن دستورها ينص على الحق في الحريات. وتتمتع البلاد بهامش كبير من حرية التعبير والتجمع وتأسيس الجمعيات والتظاهر وغيرها من حركات الاحتجاج السلمي. ويمكن اعتبار لبنان دولة أقرب إلى العلمانية في ظل وجود نظام وقوانين مدنية غير طائفية باستثناء تلك المتعلقة بالأحوال الشخصية أو وظائف الفئة الأولى في المؤسسات الحكومية.
أسس هذا الفضاء العام في لبنان وخصوصا في السنوات الأخيرة وتحديداً منذ تفجر حراك ما يعرف بثورة الأرز أو انتفاضة الاستقلال بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، أسس إلى ولادة هذه المجموعات والمنظمات التي لا تعنى بالتراتبية الهرمية العامودية بقدر ما هي أفقية لا تعتمد على قيادات تقليدية بل على شبكة من المعارف والعلاقات التي تنسج داخل هذا الفضاء العام.
وقد كان للبنان تاريخ طويل من الفضاء العام والمجتمع المدني الموازي للدولة وسلطاتها إذ لم تولد احتجاجات 2015 من فراغ. فالحراك المدني سمة رئيسة من سمات المجتمع المدني، حيث حاز لبنان على شبكة متطورة من منظمات المجتمع المدني، ونقابات العمّال، والنقابات المهنية، والأحزاب السياسية. ويعتبر تأسيس الاتحاد العمالي العام باعتباره حركة نقابية عام 1958 من السمات التاريخية البارزة[30].
يستطيع المجتمع المدني التعايش في دولة طائفية مثل لبنان وهو ما أثبتته التجربة منذ استقلال هذا البلد عام 1943. إذ تعتبر الأحزاب وإن كانت ذات صبغة طائفية جزء لا يتجزأ من هذا الفضاء العام بالإضافة إلى وجود أحزاب علمانية ومنظمات وجمعيات وحركات نقابية تشكل مجتمعا مدنيا موازيا للدولة الطائفية. لكن السؤال الأبرز هنا، هل يستطيع خطاب المجتمع المدني هنا مواجهة خطاب الدولة الطائفية؟ أو هل يستطيع فرض هيمنته على الدولة الطائفية والحلول مكانها؟
نعم، تستطيع الحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني مواجهة الدولة الطائفية وفرض مطالبها في الكثير من الأحيان وتحقيق مطالب أخرى. إذ أن الدولة الطائفية أُجبرت على اللقاء حكومات لحل مشكلة النفايات. كما رفع الحراك صوت شريحة جديدة بالاعتراض على النظام الطائفي وعلى معادلات إقليمية ومذهبية. كما نجح في الناس من كل الطوائف في مواجهة السلطة بملف النفايات، ما أعطاه شرعية شعبية لفتح ملفات اجتماعية أخرى رغم أن لها أبعادًا سياسية لم يجرؤ أحد على المس بها سابقاً[31].
لكن من الواضح أن خطاب المجتمع المدني والحركات الاجتماعية أخفق حتى الآن أكثر من مرة في فرض هيمنته على الدولة الطائفية ابتداء مما عرف بانتفاضة الاستقلال في 2005 وصولاً إلى حركات مثل “نحو المواطنية” و”المسيرة العلمانية” وما تلاها من حراك “إسقاط النظام الطائفي” عام 2011. فقد أثبتت الدولة الطائفية أنها عميقة جداً في لبنان ولا يمكن اقتلاعها بسهولة، بالإضافة إلى ضعف خبرة المنظمات والمجموعات المدنية في مواجهة اختراقات الدولة ومحاولات الالتفاف عليهم، هذا عدا عن الخلافات الكثيرة جدا التي تدب في صفوف المنظمين وهو ما استعرضته دراسة معمقة أجرتها الجامعة الأمريكية في بيروت بشأن حراك 2015[32].
الخلاصة:
نخلص إلى أهمية دور المجتمع المدني والحركات الاجتماعية في التأثير على السلطات التنفيذية وإجبارها على الاستماع لمطالبها من خلال تنافس الخطابات في الفضاء العام وذلك رغم تجذر الطائفية السياسية والدولة العميقة في البلاد. ونرى أن الحركات الاجتماعية لا يمكن أن تعمل خارج سياق من تراكم الخبرات والتجارب تؤدي إلى زيادة الوعي في الفضاء العام بأهمية ودور الفاعلين من غير الأحزاب التقليدية وقوى الهيمنة في الدولة.
ورغم ذلك، أخفقت هذه المنظمات والحركات مرة أخرى في التعلم من دروس الماضي لجهة تحصين نفسها من مكونات الدولة الطائفية وقواها، بالإضافة إلى الاستفادة من دروس أكثر في التنظيم والديمقراطية الداخلية والاستماع إلى جميع الأصوات بعيداً عن الإقصاء والتسلط من قبل فئة معينة تحتكر القرار مما يؤدي إلى انفراط عقد المجتمعين وتباعدهم لاحقا، وهو ما ينعكس على تراجع ثقة الجماهير بهم وانفضاضهم من حولهم وتراجع أعداد المشاركين في الأنشطة والفعاليات الاحتجاجية.
المراجع:
[1] بشارة، عزمي. 2012. المجتمع المدني: دراسة نقدية. بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات .ص: 44.
[2] الربيعي، فلاح حسن. 2008. مراحل تطور مفهوم المجتمع المدني. April 1. Accessed November 11, 2017. http://www.ssrcaw.org/ar/print.art.asp?aid=129995&ac=2.
[3] الربيعي، فلاح حسن. مرجع سابق.
[4] قنديل، أماني. 2008. الموسوعة العربية للمجتمع المدني. القاهرة: الهيئة العامة المصرية للكتاب. ص: 65.
[5] الربيعي، فلاح حسن. مرجع سابق.
[6] قنديل، أماني. مرجع سابق. ص. ص 65-66.
[7] Huntington, Samuel P. 1991. The Third Wave: Democratization in the Late Twentieth Century. Norman: University of Oklahoma Press.
[8] Caramani, Daniele. 2014. Comparative Politics. Oxford: Oxford University Press. p.268.
[9] غيورغ سورنسن. 2015. الديمقراطية والتحول الديمقراطي: السيروات والمأمولات في عالم متغير. ترجمة عفاف البطاينة. مراجعة عبدالرحمن شاهين. بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. ص.ص. 116-117.
[10] تامر خرمة، ربيع وهبة، سلامة كيلة، عبد الرحيم منار السليمي، عمرو الشوبكي، فارس اشتي، لطفي بومغار، محمد العجاتي، نوران سيد أحمد، و هبة رؤوف عزت. 2014. الحركات الاحتجاجية في الوطن العربي (مصر – المغرب – لبنان – البحرين – الجزائر – سورية – الأردن). الثانية. تحرير عمرو الشوبكي. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. ص.ص. 58-60.
[11] تشارلز تيلي. 2005. الحركات الاجتماعية 1768-2004. ترجمة ربيع وهبه. القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة. ص.20.
[12] Caramani, op. cit., p. 269.
[13] Ibid., p.270.
[14] Hopkins, Nicholas S., and Saad Eddin Ibrahim. 2006. Arab Society: Class, Gender, Power and Development. 3rd. Cairo, New York: The American University in Cairo Press. p.423.
[15] Political Process
[16] Caramani, op. cit., p. 272.
[17] “الدستور اللبناني.” مقدمة الدستور. “الفقرة ج”. تاريخ الوصول 21 مايو/ أيار, 2017. https://goo.gl/50l9Bm.
[18] آرنت ليبهارت. 2006. الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدد. ترجمة حسني زينه. بغداد – بيروت: معهد الدراسات الاستراتيجية. ص. 226.
[19] عدنان السيد حسين. 2010. “الحالة اللبنانية.” كيف يصنع القرار في الأنظمة العربية، دراسة حالة: الأردن – الجزائر – السعودية – السودان – سورية – العراق – الكويت – لبنان – مصر – المغرب – اليمن، أحمد يوسف أحمد و وآخرون، تحرير نيفين مسعد، 405-446. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.
[20] Freedom-House. 2017. Lebanon | Country Report| Freedom in the World. Accessed January 03, 2018. https://freedomhouse.org/report/freedom-world/2017/lebanon.
[21] Transperancy-International. 2016. Transperancy International – Lebanon. Accessed January 03, 2018. https://www.transparency.org/country/LBN.
[22] تامر خرمة، ربيع وهبة، سلامة كيلة، عبد الرحيم منار السليمي، عمرو الشوبكي، فارس اشتي، لطفي بومغار، محمد العجاتي، نوران سيد أحمد، و هبة رؤوف عزت. 2014. الحركات الاحتجاجية في الوطن العربي (مصر – المغرب – لبنان – البحرين – الجزائر – سورية – الأردن). الثانية. تحرير عمرو الشوبكي. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. ص. 171.
[23] غسان سعود. (22 كانون الأول/ ديسمبر, 2006). 7 آب… يوم ضاق لبنان بالديموقراطية. تاريخ الاسترداد 22 مايو/ أيار, 2017، من http://www.al-akhbar.com/node/155866
[24] Reuters. 2011. Lebanese protest against sectarian political system. February 27. Accessed January 4, 2018. http://af.reuters.com/article/egyptNews/idAFLDE71Q08L20110227.
[25] سنشير إلى الحراك باسم “طلعت ريحتكم” باعتبارها المجموعة المؤسسة والأبرز والتي اشتهر الحراك باسمها في وسائل الإعلام المحلية والدولية.
[26] حمزة, رانيا. 2015. مجموعات الحراك (1): طلعت ريحتكم. October 12. Accessed January 4, 2018. http://www.legal-agenda.com/article.php?id=2717.
[27] حمزة، رانيا.. 2015. مجموعات الحراك (2): حملة بدنا نحاسب. October 13. Accessed January 2018, 4. http://74.220.207.224/newsarticle.php?id=1039&folder=legalnews&lang=ar.
[28] رويل, ألكس. 2015. الأزمة السياسية والاجتماعية في لبنان. September 25. Accessed January 4, 2018. http://carnegie-mec.org/sada/61395.
[29] يحي, مهى. 2017. صيف الحراك المدني: الطوائف والمواطنون في لبنان والعراق. June 30. Accessed January 2018, 4. http://carnegie-mec.org/2017/06/30/ar-pub-71485.
[30] يحي، مهى. مرجع سابق.
[31] شقير, شفيق. 2015. تداعيات الحراك الاجتماعي في لبنان وأبعاد الفراغ. October 15. Accessed January 4, 2018. http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2015/10/2015101510501542507.html.
[32] كرباج, كارول. 2016. السياسة بالصدفة: “الحراك” يواجه “شعوبه“. بيروت: معهد عصام فارس في الجامعة الأمريكية في بيروت. https://website.aub.edu.lb/ifi/publications/Documents/working_papers/20170213_wp_hirak_arabic.pdf.